لماذا يحقد غير المصريين على مصر والمصريين
وضح بعد أحداث مبارايات مصر والجزائر الأخيرة تحيز معظم العرب لصالح الجزائر ضد مصر على الرغم من أن الأخطاء والأفعال الخاطئة التى جاءت من الجانب الجزائرى كانت أكثر بكثير مما جاء من الجانب المصرى. لماذا ؟؟ سأحاول هنا بمجهود فردى واستنتاج عقلى بسيط ان أصل للسبب.
اولا: مصر أم الدنيا:
يعترض (بل ويكره) الكثير من الأخوة العرب هذا الوصف من قبل المصريين لبلدهم!! .. وهنا وجب الإيضاح. مصر أم الدنيا لا تعنى ان مصر أجمل بلد فى الدنيا ولا أقوى بلد فى الدنيا ولا أغنى بلد فى الدنيا. لكن وصف مصر هنا بالأم يقترن "بالعراقة". فأهم شئ بالنسبى للأم هو عائلتها .. ودائما وأبدا تأتى الأم قبل العائلة فى الترتيب الزمنى. لذلك فموقف مصر ام الدنيا هو موقف الأم من أسرتها. الأم تأتى أولا ثم الأولاد ثم الأحفاد إلى أن نمو العائلة وتكبر. وهذا بالضبط موقف مصر من الدنيا. فمصر هى صاحبة أول دولة لها حضارة مدونة وحكومة وجيش فى التاريخ. ثم كانت أهم دولة فى العالم أثناء حكم الفراعنة. ثم ثانى أهم دولة فى العالم أيام دولة البطالمة وكليوباترا (بعد إيطاليا والدولة الرومانية). هذا ما قصدت : العراقة .. وهذا الوصف لا يقصد به معايرة الآخرين ولكنه وصف اعتزاز وإقرار للحقائق .. لا يقدم ولا يؤخر ولا يؤثر فى مجريات أمور الدول فى الوقت الحالى!
ثانيا: مصر فى العصر الحديث:
لن أستطرد فى ذكر الأمجاد الفرعونية أو الإسلامية ولكنى سأقفز بكم إلى عام 1798. فى هذا العام كانت كل الدول العربية عبارة عن ولايات نائمة تحت حكم السلطان العثمانى. وكانت مصر مثلها مثل ليبيا مثل الجزائر مثل بلاد الشام مثل العراق مثل السعودية. كانت كل الدول العربية نائمة فى "العسل" كما نقول فى مصر. إلى أن جاء نابليون لمصر فى الحملة الفاشلة المشهورة فى ذلك العام ثم جاء محمد على ليتولى حكم مصر عام 1805. بدأ محمد على وأولاده من بعده عملية تحديث لمصر متبعين مبدأ "البداية من حيت انتهى الآخرون". كان هؤلاء الآخرون فى أوربا. وفد من أوربا الآلاف من الخبراء فى جميع المجالات ليديروا شؤن الدولة الحديثة التى كانت فى خيال محمد على وأبنائه, واستمر هذا تقريبا لمدة خمسين سنة بدأ فى خلالها إرسال بعثات الطلاب المصريين لأوربا لكى يحلوا محل الخبراء الأجانب فى إدارة شئون البلاد وقد بدأت ملامح هذا الإحلال فى الظهور مع بدايات القرن العشرين.
هنا مربط الفرس وهنا سبب الحقد .. وهو احتكاك مصر بالحضارة الأوربية وسبقها للعرب بحوالى 100 سنة فى جميع المجالات. كانت أسماء العرب الذين ذهبوا لأوربا لكي ينهلوا من ثقافتها وعلومها وحضارتها أسماء مثل : الطهطاوى والمنفلوطى وهى بلدان من مصر. لم تكن أسماء مثل بوزكريا أو بوبلحاج أو بوزفت. لم تكن أسماء مثل بن عشيب أو بن مضر أو بن عفريت. كانت أسماء لمصريين فى جميع المجالات من طب وعلوم وأدب وفنون وعادوا لمصر لكى يكون لها السبق أن توصف بالأولى فى جميع المجالات مقارنة بالدول العربية مجتمعة .. أول مطابع .. أول سكة حديدية .. أول بريد .. أول إنارة بالكهرباء .. أول أوبرا .. أول تلغراف .. وأول وأول وأول .. فعلا شئ يدعو للملل !! بالله عليكم إتركو لخيالكم العنان وقولوا لى عن وسائل الإتصال داخل المدن فى عام 1896 فى الدول العربية مجتمعة ؟؟ طبعا الحمير والبغال. فى هذا العام افتتح أول خط لشركة ترام-واى (تروماى) مصر بين العتبة والقلعة !!.
أما عن الأدب والفن والصحافة والفكر فحدث ولا حرج وكلكم يعرف هذه الإنجازات المصرية. ولايجب أن ننسى القوة الإقتصادية المصرية الهائلة التى مكنتها من تسديد دين الخديوى إسماعيل الخرافى ثم إنفاقها على وتكفلها بمرتبات المعلمين والأطباء والمهندسين المصريين الموفدين من قبل الحكومات المصرية للدول العربية لأجل التنمية والإرتقاء بمستوى الخدمات فى تلك الدول. ومن منا ينسى مساعدة مصر للسعودية بإرسال كسوة الكعبة كل عام فى موسم الحج؟!!
لم يكن ذكرى لهذه الحقايق من قبل المعايرة لا سمح الله .. ولكن لكى أحاول أن أفهم سبب أو مصدر كل هذا الحقد الذى يكنه معظم (وليس كل) العرب لمصر؟؟ وأنا أول من يقول إنى قد أكون مصيباً أو مخطئاً فى استنتاجى .. فهذه محاولة فردية والعلم لله من قبل ومن بعد
م ن ق ول