حرامى.. قتال قتلة.. بلطجى وزعيم عصابة.. هذه نماذج من الألعاب المنتشرة على شبكة الإنترنت وأجهزة الكمبيوتر وكان تنوع محتواها وإثارتها سبباً لإقبال الأطفال والشباب عليها، لما توفره من وسائل للترفيه والتسلية، بغض النظر عن مضمونها أو الأفكار التى تبثها لعقول أطفالنا فى غفلة منا عن الخطر الذى يهدد مستقبلهم بسبب تلك الوسائل الترفيهية.
«فرجنا الروشنة على حق.. الجرائم لها مكانتها فى مدينة الجريمة، المدينة اللى فيها الصيع والبلطجية وقتالين القتلة والعصبجية لازم يكون ليهم احترامهم فيها» الجملة السابقة لم تكن مزحة أو مجرد لغة دارجة يمكن سماعها فى مشهد من فيلم، أو فى أحد المقاهى الشعبية، لكنها رسالة ترحيب تتصدر موقع لعبة «The crimes» التى تعد الأشهر من بين ألعاب الإنترنت.
عند التسجيل فى لعبة «الجريمة» يجب على اللاعب اختيار الشخصية والمجال الذى يناسبه، وأشهر تلك الشخصيات هى: «قتال قتلة» و«زعيم عصابة» أو «حرامى»، وبعد الاختيار يبدأ اللاعب باقتحام عالم فتيات الليل والمخدرات، ليكون هدفه الأساسى هو الوصول لأعلى قائمة المجرمين المحترمين.
«الطفل لن يتمنى أن يصبح طبيباً أو مهندساً بالمستقبل، وستكون تجارة المخدرات والسلاح والدعارة ضمن الوظائف التى قد يفكر فى العمل بها فى المستقبل» بهذه الكلمات عبرت «سلمى أحمد»، ربة منزل، عن استيائها من تلك الألعاب التى تحمل مضامين منافية لطبيعة المجتمعات العربية.
«عدد كبير من الأطفال ينغمسون فى أحداث الألعاب دون معرفة الآثار المترتبة عليهم نتيجة مشاهد العنف والدماء والسرقة والاغتصاب الموجودة ضمن محتوى اللعبة» هذا ما أكده «محمد فتوح»، موظف، مؤكداً أن الإنترنت أصبح ساحة للتأثير على الأطفال الصغار قبل الكبار سواء من خلال الألعاب الإلكترونية أو غيرها.
«الهدف الأساسى من وراء الألعاب الإلكترونية هو الربح المادى للشركة المطورة للعبة، بغض النظر عن الخسائر الذى ستصيب أطفالنا» كان هذا أول ما أشار إليه «محمد أحمد»، مهندس كمبيوتر، محذراً من مخاطر مثل هذه الألعاب بقوله «توفر تلك الألعاب وسائل لتخطى بعض مراحل اللعبة مقابل تحويل قيم مالية محددة من خلال العديد من الطرق مثل الفيزا كارد، أو إرسال رسائل نصية قصيرة من الموبايل لتخصم القيمة المالية من رصيد الراسل، وقد يلجا بعض الأطفال إلى سرقة الفيزا كارد الخاص بوالده أو استغلال الموبايل الخاص بأفراد عائلته، لتحويل الرصيد إلى حسابه فى اللعبة».
وأضاف أحمد «قد يزداد الأمر خطورة بإدمان الأطفال تلك الألعاب لدرجة اعتبارها وسيلة لجنى الأموال من خلال الوصول لمراحل متقدمة فى اللعبة ليعرض بعدها الحساب الخاص بهم للبيع لأطفال آخرين يشاركوهم نفس الهوس».
ربما لم تكن لعبة «الجريمة» أو مواقع الألعاب على الإنترنت هى الوحيدة التى تهدد أطفالنا وشبابنا، لكن نجد ألعاب أخرى منتشرة على أجهزة الكمبيوتر الخاصة بأطفالنا تبث مشاهد الإباحية والعنف والدماء والأفعال المشينة، وأشهر مثال لتلك الألعاب هى لعبة GTA» بإصداراتها المتعددة التى تعتمد هى الأخرى على السلاح والعنف والسرقة ويجب على اللاعب تنفيذ بعض المهام كقتل شخص ما، أو سرقة بنك، دون تفكير سوى فى أن يحظى بمرتبة عالية بين عشاق هذه اللعبة.
كما أثارت إحدى الألعاب اليابانية جدلاً عالمياً لمحتواها القائم على اغتصاب الفتيات، حيث تعتمد أحداث اللعبة على اغتصاب الفتيات فى الأماكن العامة، وتتيح اللعبة للاعب العديد من طرق الاغتصاب، وبرغم مقاضاة الشركة المصنعة للعبة، وتغريمها ٢٠ مليون دولار، إنها لاتزال تحظى بشعبية عالية.
«غالباً ما يتم تصوير العرب على أنهم أعداء السلام وإرهابيين ويجب التصدى لهم».. «هذا ما أشار إليه عمرو أسعد، أستاذ مساعد بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، مؤكداً أن هناك بثاً لقيم معينة كقتل الأبرياء مما يكشف فى النهاية عن جيل لديه نوازع للعنف والانتقام.
وتأكيداً لذلك تأتى لعبة «call of duty modern warfare» التى تدور أحداثها حول فكرة الحروب بين الدول، وتعرض الصراع بجميع تفاصيله مدعمة ذلك باستخدام أحدث الأسلحة والدبابات والقنابل اليدوية ليشعر اللاعب بأنه فى حرب حقيقة، وتضمن مهام اللعبة فى أحدث إصدارتها مهمة الحرب على العراق وأفغانستان التى يجب على اللاعب فيها قتل العزل والأبرياء من العرب.
دراسات كثيرة أثبتت تأثر الأطفال بمشاهد العنف والإثارة التى تبث عبر الألعاب الإلكترونية التى باتت هى الغذاء الروحانى للصغار خاصة عند مشاهدتها قبل النوم، وأكدت قابلية تحولهم إلى أفراد مؤثرين سلباً على المجتمع. ومنها إحدى الدراسات الأمريكية التى أشارت إلى أن تعرض الأطفال المستمر لألعاب العنف والإثارة مهما اختلفت ثقافتهم أو جنسهم أو أعمارهم يكسبهم صفات كالعدوانية والانتقام وحذرت من إن ألعاب الأطفال التى تحتوى مشاهد عنف قد تؤثر على الأطفال وتسبب زيادة معدل ضربات القلب وارتفاع ضغط الدم والتشنجات العصبية واضطراب معدل التنفس خاصة عند التعرض لتلك الألعاب ليلاً قبل النوم.
بقلم اميرة عبد الهادى