مفاتيح الكنز الخمسة

(الوقت أثمن ما تملك، وأعظم ما يمكنك استثماره، هو حياتك ودنياك، هو حاضرك ومستقبلك) د. إبراهيم الفقي.


إن كلمة السر التي تستطيع من خلالها فتح الخزينة التي تحوي كنز النجاح هي الاستثمار الصحيح للوقت، فكما يقول براين ترايسي: (إن إدارة الوقت مركبة تنقلك من أي مكان كنت إلى أي مكان تريد أن تذهب)، ولذا دعنا ـ عزيزي القارئ ـ نعطيك بعضًا من مفاتيح إدارة الوقت، ومنها:


1. المفتاح الأول: دمج الأهداف:


من الأمور الهامة التي تمنحك مرونة في خطتك هي قدرتك على دمج الأهداف معًا؛ بحيث تنجز أكثر من هدف في وقت واحد، فمثلًا قد تكون من أهدافك الصحية ممارسة رياضة المشي ثلاث مرات أسبوعيًّا لمدة نصف ساعة، وقد يكون من أهدافك الاجتماعية الجلوس مع ابنك؛ لتتحدث معه ثلاث مرات أسبوعيًّا، فمن الممكن أن تدمج هذين الهدفين معًا، بأن تجعله يشاركك في رياضة المشي، وبذلك تكون قد حققت هدفين في وقت واحد.


وهناك صورة أخرى لدمج الأهداف وهي الجمع بين المهام المتشابهة، فعلى سبيل المثال، إذا كنت ستقابل صديقًا لك في يوم ما، ثم ستقابل صديقًا آخر في يوم ثانٍ، فمن الممكن أن تجمع الموعدين معًا، فتجعل يومًا واحدًا للقاء جميع الأصدقاء، وبذلك تترك فراغًا في جدول أسبوعك؛ لاستغلاله في أمور أخرى، بل مثل هذا الأمر قد يكون أكثر فائدة حيث تعرف أصدقاءك بعضهم على بعض، وتجعلهم يلتقون سويًّا، وتكون فرصة أفضل في تبادل الآراء والأفكار.


2. المفتاح الثاني: تبديل المواعيد عند الحاجة لذلك:



من المناسب أيضًا أن يكون لديك القدرة على تبديل المواعيد عند الحاجة لذلك، فمثلًا قد يكون موعد ذهابك لحلاق الشعر يوم الخميس، بينما موعد زيارة والدتك يوم الثلاثاء، ولكنك تفاجأ بأن صالون الحلاقة يوم الثلاثاء يكون خاليًا تمامًا من الزبائن، بينما يكون في يوم الخميس مزدحمًا، فمن الممكن أن تبدل مواعيدك لتوفر وقتك.


3. المفتاح الثالث: لا تنس الأوقات البينية:


إن حجم الوقت الضائع بين الأعمال بعضها البعض كبير؛ فالانتقال من أداء عمل لآخر يستهلك كمية كبيرة من الوقت، ولو أحسنا استغلال هذا الوقت، لوجدنا أنفسنا قادرين على استيعاب كثير من الأعمال والأنشطة، التي ما كنا نظن أننا قادرين على إنجازها في خضم هذا الوقت الضيق.

فالإنسان منا يقضي ساعات كثيرة في وسائل المواصلات، وانتظار إشارات المرور، وانتظار الطبيب في عيادته، وقيادة السيارات، وغير ذلك من الأعمال التي لو أحسنا استغلال الوقت فيها، لأوجدنا لأنفسنا مساحات من الوقت كبيرة.

وإليك طائفة من التوجيهات والنصائح والإرشادات التي تعينك على استغلال هذه الأوقات البينية بشكل فعال، ومن أهم تلك الإرشادات ما يلي:


· استثمار الأوقات البينية في سماع الأشرطة النافعة، أو قراءة بعض من الكتب المفيدة؛ وبالتالي تكون تلك الأوقات ذات فائدة قصوى، وأهمية كبيرة في مجال التطوير الذاتي، والارتقاء الشخصي.


· استثمار تلك الأوقات التي تكون فيها في وسائل المواصلات في إجراء المكالمات الهاتفية؛ حتى تستغل هذا الوقت الثمين.


· استثمار تلك الأوقات في الأعمال التي لا تحتاج لطاقة كبيرة، كزيارة أقاربك، أو قراءة بريدك الإلكتروني، أو قراءة نشرات الأخبار، أو مراجعة أعمال البورصة على الشبكة العنكبوتية، أو حتى قضاء حاجيات أُسَريَّة، أو قضاء مصالح حكومية كاستخراج رخصة أو دفع فواتير الكهرباء أو المياه...إلخ.


· ولا تنس أن أهم ثلاث أوقات بينية هي أوقات المواصلات، والانتظار لقضاء حاجات، وأوقات الطعام، فاحرص على أن تضع يوميًّا في مفكرتك برنامجًا لاستغلال هذه الأوقات؛ بما يدعم أهدافك.


4. المفتاح الرابع: التفويض الفعال:


أصبح التفويض من الحقائق الإدارية التي لا مفر منها في عصرنا ذي الوتيرة المتسارعة؛ وأصبح من المحال على المرء أن ينجز جميع أعماله بنفسه، هذا بالإضافة إلى ما يحويه التفويض الفعال من أهمية قصوى،

ومن آثار إيجابية متميزة، ومنها ما يلي:

· يسمح التفويض بوقت أكبر للتفكير و التخطيط.


· يساعدك على إنجاز المهام الأكثر أهمية، ويخلصك من المهام الروتينية، ويجعلك تنجز أكثر من عمل في وقت واحد.

· يُمَكنك من الاستفادة بخبرات الآخرين و مهاراتهم، كما يشجع الآخرين على أخذ المبادرة، واستثمار مهاراتهم وإمكاناتهم بشكل مثمر وفعال.


5. المفتاح الخامس: تخلص من العقبات:



ولكن لا تظن أن الطريق نحو الكنز سهل يسير، بل إن فيه الكثير من العقبات والحواجز التي لابد من اجتيازها بسلام وأمان؛ حتى تصل إلى الكنز،

ومن أهم تلك العقبات ما يلي:


أ‌- الفوضى:


تعتبر الفوضى من أكثر مضيعات الوقت؛ لأن الإنسان الفوضوي يبذل أوقاتًا ليست بالقليلة في البحث عن حاجياته، وترتيب أمور حياته، إلى غير ذلك من الأمور المضيعة للأوقات،

وإليك طائفة من النصائح التي تعينك في القضاء على الفوضى ومنها:


· يعتبر منظر حجرتك، سواء كانت في مكتبك، أم في بيتك، عنوانًا لك، وبالتالي حافظ على نظافتها، وعلى وضع كل شيء في مكانه المخصص له، سواء كانت كتبًا، أم ملابس، أم غير ذلك.

· احتفظ بالأوراق المهمة في ملف خاص، واحفظه في مكان بعيد عن متناول أي أحد، و إذا كان حجم الأوراق كبير، فاجعل كل مجموعة من الأوراق متشابهة المضمون في ملف مستقل.

· احرص على استخدام المفكرة الذاتية، ودوِّن فيها كل ما يهمك؛ حتى لا تنساه، فإن النسيان من أكثر أسباب الفوضوية.

· حدد أوقاتًا محددة للنوم؛ فإن الفوضى في نظام النوم، وفي وقته من أكثر ما يضيع الوقت، ويستنزف الجهد.

ب‌- التسويف و التأجيل:


يعتبر التسويف من أشد مضيعات الوقت حسرة على الإنسان؛ لأن التبعة تقع فيه بالكلية عليه، وهو يشعر بأنه هو الذي فرط بيده في أنفس ما يملك، وهو لا يعرف مدى خطورة هذا اللص إلا بعد أن تتكالب عليه الأعمال، وتتكاثر عليه الهموم، ولا يستطيع أن يؤدي أحدها بإتقان.

ولعلك الآن ـ عزيزي القارئ ـ تتساءل وما هو معنى التسويف؟ ونحن نجيبك بأن التسويف هو القيام بمهمة في ذيل أولوياتك وتقديمها على أخرى تحتل قمة تلك الأولويات، فالمشكلة تكمن في أننا غالبًا ما نسوف الأعمال الصعبة المتعبة غير المريحة، وغالبًا ما تكون هذه الأعمال أعمالًا حاسمة ومهمة، وهنا تبدو خطورة هذا الداء؛ لأنه جراء ذلك تتعطل الأعمال، وتقل الإنتاجية إلى حد كبير.

وإليك بعضًا من الأمور المعينة في القضاء على التسويف، قطفناها لك لنقدمها بين يديك، علَّها تعينك ـ بإذن الله ـ في القبض على ذلك اللص، ومن تلك الأمور ما يلي:


· ضع حدًّا فاصلًا لنهاية كل مهمة تريد إنجازها، ولا تترك المهام دون تحديد مدًى زمنيٍّ واقعيٍّ لإنجازها؛ فالمهام تتمدد لتشغل كل الوقت المتاح.

· اجعل لنفسك جائزة في حالة إتمام المهام الصعبة في وقتها وبالكفاءة المطلوبة؛ فإن ذلك يزيد من تحفيزك على إتمام غيرها بنفس الكفاءة، وفي الوقت المحدد.

· تعرف على حكمة الدقائق الخمس: وهي إذا كانت المهمة لا تستغرق أكثر من خمس دقائق، فقم بإنجازها فورًا حال تسلمها.

· حاول أن تبدأ يومك بالأعمال الهامة الصعبة، ولا تجعلها في أوقات الكسل ولا النوم؛ حتى لا يجتمع عليك الكسل وصعوبة المهمة.

وأخيرًا تذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم:



((لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع خصال: عن عمره فيما أفناه، وعن شبابه فيما أبلاه، وعن ماله من أين اكتسبه، وفيما أنفقه، وعن علمه ماذا عمل به))


[صححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب، (3593)].

شكراااااااا ياحريف ع الموضوع