محمد بربر يكتب : شباب مصر .. المفترى عليه

شباب مصر ...... المفترى عليه

بقلم محمد بربر
نقلا عن جريدة النهار

حان الوقت كى نتأمل – ولو قليلا – أحوال شباب مصر , فلنكتب أول تعريف " قتلتهم البطالة بلا رحمة أو خجل " وقد نختار تعريفا أكثر واقعية للشباب فى بلادنا فنقول"الباحثون عن فرص عمل فى بلادناوالذين يحاولون السير على أشواك وشرر طوال الوقت " - الوصف مؤلم والتعريفات قاسية - وقد ينساق بعضهم وراء تصريحات الوزراء الوردية وأحاديث نواب الحزب الوطنى الذين يرفعون شعار " الحياة لونها بمبى " , وغير مرة كتبت أؤكد على أن ما يعانيه المجتمع المصرى من فساد ونهب وسيطرة على مقدرات الشعب وتعدى على حقوق المواطن المسالم هو بسبب الجهل والفقر .

إذ إن افتراض أن يطالب الإنسان بحقه وهو يجهل كيفية الوصول إلى هذا الحق ليس منطقيا , سيما فى زمن تقسيم الأنصبة من كعكة كانت فى الماضى " وطن " , النقطة الثانية التى لا تقل أهمية هى الفقر الذى يلازم المصرى منذ لحظة ميلاده ومروره بالمراحل التعليمية المختلفة , حتى يصبح يافعا ناضجا يرى الواسطة والمحسوبية والرشاوى الإنتخابية أمام عينيه فلا يعبأ , بعدما أصبح الأمر " عادى جدا " , والمسرحية محفوظة نصا وعرضا .

فقر شباب مصر التعليمى والاجتماعى والثقافى ينذر بكارثة , فنظرة واحدة إلى قيادات الدولة المصرية كفيلة بأن تجعلك تتخيل مستقبل مصر بعد رحيل المسئولين الذين تعدى معظمهم عمر السبعين , من سيتولى مقاليد الأمور فى أرض الكنانة , هل يورث كل مسئول أولاده , هذا يعنى أن التوريث فى الأيام القليلة سيصبح فرض عين على الأمة المصرية .

وفرضا لو ورث كل مسئول ولده , هل يملك هذا الشاب العلم الكافى والإدارة المناسبة ليقود ويسود أم أن البلد سينطبق عليها المثل الشعبى الشهير " تضرب تقلب " , الغريب يا سادة أن الشاب المصرى يتخرج من جامعته وهو يفتقد ألف باء سياسة ثم تتحدث الحكومة عن غياب الانتماء .. أليست مفارقة إذن !

وكم آلمنى أن أقرأ خبرا نشرته جريدة المصرى اليوم يقول إن 246 ألفاً، و226 شاب مصري تقدم بطلب الهجرة إلى عدد من الدول العربية والعالمية , وأقدر كيف يلهث شباب بلدنا بحثا عن وظائف , فرص العمل الوهمية والبرنامج الانتخابى للرئيس أصاب الشباب باليأس والإحباط , الهجرة حرية , والمظاهرات المصرية يعيبها الاعتقال والضرب والحبس فى أحايين كثيرة .

ناهيك عن الارتفاع – التاريخى – لأسعار الذهب بالسوق المصرية , الشبكة فى عرف المصريين ضرورة لابد منها , وعلى قدر ما تقدمه لعروسك , يحترمها أهلك , من أين يأتى الشباب العاطل بثمن خاتم ذهب , وهو قطعا فى مجتمع لايستطيع فيه أن يلتمس خاتما من حديد.

بقى أن أهمس فى أذن حكومة الدكتور نظيف بأن الشباب فى مصر هو مستقبل هذا الوطن , فإن قتله فسادكم , فإنه لا مستقبل لبلد يعانى حاضره من الجهل والفقر وفساد الضمائر .