إلى كل مصري..
إلى كل من ولد على ضفاف النيل أو شرب من مائه أو التحف بسماء الصحراء أو سيناء أو الصعيد أو الدلتا...
إلى إخوتي أبناء المحروسة والقناة وأسوان وكل شبر من أرض مصر الحبيبة..
إلى أبناء العقاد وسعد وعرابي وناصر وكل قبطي أو مسلم لمست أقدامه أرض الكنانة
إلى أحبتي أقول.. ومن أنا حتى أقول..
أمن حق الصغير أن ينظر للكبار!... من أنا حتى أوجه كلامي لهم!.. أيمكن للقزم الذي تصاغر حتى افترش الأرض أن يرفع بصره ليوجه ولو كلمة لأحد هؤلاء العمالقة..
نظرت لهم... كنت حتى اسابيع مضت أظن العمالقة في مكان واحد محصور بين رفح والخط الأخضر..
كنت قد حصرت أملي بهذه الحفنة من الأبطال الذين يرون الموت مطلبا ويعيشون التضحية مقصدا..
كنت أظن أن المكان الوحيد في العالم الذي ليس سجنا هو هذا السجن الرهيب الذي اسمه غزة... ثم بدأت أرى.. أرى ولا أصدق...
نظرت لهم فرأيتني صغيره. نظرت لذاك الذي لم يتم عامه العاشر فرأيته يتفجر حكمة ووقارا وبجانبه من لم يزل في العشرين وقد زلزل أركان الطغيان... وآخر وقف عاري الصدر ينادي ضعوا هنا رصاصاتكم ولم يزل واقفا حتى ارتمى جسده شهيدا وارتفعت روحه فوق كل الناس...
أجساد صغيرة نحيلة ضعيفة وأناس بسطاء عاديين فقراء..
نظرت فرأيت تلك الأرواح... أرواح الذي صدقوا ما عاهدوا الله عليه.. أرواح الملايين ممن ينتظر.. تعلوا وتسموا وترتفع معها الجباه...
إليكم يا من رفعت بكم رأسي...
إلى الطفلة التي فقدت أباها... والأم المسكينة البسيطة الفقيرة التي لا تملك من الدنيا إلى ولدا رعته بمقلة العين ومحجرها ليلأتي مجرم بزي رسمي ليضغط على زناد بندقية دفعت هي ثمنها جوعاً وحرماناً ثم ليختبئ الوضيع وهو يرى الشاب يتمدد شهيداً..
إلى ذلك الأب الذي لم يقبل أن يعزيه أحد بابنه الطالب في كلية الهندسة لأنه شهيد يحتسبه عند الله..
إلى ذاك الشاب الذي خرج ليرفع الظلم عن كل إخوته ليصطاده مجرم صفيق بخمس طعنات في ظهره ويقبض الثمن مئتي جنيه هي ثمن طعام هؤلاء الناس الذي سرقه خسيس يرتدي بذلة وزير
إلى الذي نام في البرد في ميدان الشهداء والذي تمدد أمام جنزير الدبابات والذي وضع جسده حاجز ليمنع المجرم من الوصول للجموع..
إلى كل طفل ورجل وامرأة من الشرفاء على أرض الشرفاء
ومن أنا لأضع عنكم كلمة أو حرفا !ففي كل لحظة يصدر منكم من الأفعال ما يسحق آلاف الكلمات..
إلى إخوتي الكبار ..
أنتم يا من رفعتم رأسي وسيبقى مرفوعا ..أليكم كل الحب والإجلال والاحترام..
أرفع رأسي لأراكم فأطأطئه لكم إجلالا..
وليس لي إلا الله أدعوه أن يرفع رؤرسكم وقدركم ومقامكم وحياتكم ويكرمكم ويجعلكم في أرفع مكان وليس إلا الله يجزي عملكم