أفتت دار الإفتاء المصرية اليوم بعدم جواز توريث الحكم بأي حال من الأحوال، وأن الالتزام بالدستور ونظام الدولة المتفق عليه بين أفراد الشعب هو أمر واجب شرعا، وأن أي تغيير في نظام الحكم يجوز شرعا شريطة موافقة الشعب عليه.
وأكدت الفتوى التي أصدرتها أمانة الفتوى بدار الإفتاء المصرية برئاسة فضيلة الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية، ونشرتها دار الإفتاء اليوم السبت "أن الفقه الإسلامي لا يجيز توريث الحكم؛ لأنه لا يجري في إمامة المسلمين، كما أن الفقه الإسلامي لا يمنع من تولية العهد الذي هو عبارة عن اختيار الحاكم لمن يخلفه، وهذا كله بلا خلاف بين العلماء".
وأوضحت الفتوى التي اطلعت "إسلام أون لاين.نت" على نسخة منها أن الدولة لو كان نظام الحكم فيها جمهوريا ديمقراطيا كما في الديار المصرية فإن المنظم لهذا الشأن يكون هو ما قرره دستور البلاد - الذي اتفقت عليه كلمة المصريين، والذي لا يخالف الشريعة الإسلامية، ولا الفقه الإسلامي - والذي نص في مادته رقم (76 المعدلة عام 2005) على أن ينتخب رئيس الجمهورية عن طريق الاقتراع السري العام المباشر، وعليه فإن النظام المتفق عليه بين المصريين لا يجيز توريث الحكم، ولا تولية العهد.
وشددت الفتوى التي انتهت إليها أمانة الفتوى، وتم إحالتها إلى مجمع البحوث الإسلامية، على أن "الفقه الإسلامي، وإن أجاز تولية العهد من بين بدائل كثيرة في طرق تولي الحكم، فإنه لم يلزم بها ولم يَلْتَزِمْها".
واعتبرت دار الإفتاء أن "الشرع لا يمنع ولا يفرض نظاما معينا لصورة الحكم، سواء كانت هذه الصورة ملكية أو جمهورية، أو أي نظام آخر يتفق عليه الناس، ويحقق مصالحهم العليا، كما أنه لا يمنع من الانتقال من نظام إلى آخر إذا ارتضى الشعب ذلك، واجتمعت عليه كلمتهم".
الشرع والدستور
وأشارت الفتوى إلى أن "انتخاب الشعب لأي شخص توافرت فيه الشروط الدستورية التي تم الإجماع عليها سابقا جائز شرعا ووضعا".
واختتمت دار الإفتاء المصرية فتواها بالقول إن "من أراد أن يغير النظام والدستور الذي اتفق عليه الناس، فعليه أن يسلك الطرق المشروعة للوصول إلى اتفاق آخر يتحول إليه المصريين باتفاق مشروع تترتب عليه آثاره، وأن الشرع لا يمنع من تغيير الدستور إذا ارتأت الجماعة المصرية ذلك، واتخذت الإجراءات والخطوات المرعية في سبيل ذلك".
وتأتي تلك الفتوى الشرعية التي أصدرتها دار الإفتاء المصرية، ردا منها على طلب فتوى تقدم بها أحد المواطنين لمجمع البحوث الإسلامية حول قضية توريث الحكم في الإسلام، ومدى إمكانية تطبيق ذلك في بلاد مصر.
وتمت إحالة الطلب إلى دار الإفتاء للاختصاص بناء على توصية لجنة البحوث الفقهية بجلستها الثانية والعشرين في دورتها الرابعة والأربعين والتي عقدت يوم الأربعاء 3 من ربيع الآخر 1429هـ والموافق 9 من أبريل 2008.
وترى معظم قوى المعارضة المصرية أنه في ضوء "القيود الكثيرة" على الترشح لانتخابات الرئاسة التعددية، وفي ظل أجواء "عدم تكافؤ الفرص" بين مرشحي الحزب الوطني الحاكم والمرشحين الآخرين في العمليات الانتخابية المختلفة، فإن فوز مرشح الحزب الحاكم سيكون مؤكدا في حال أجريت انتخابات رئاسية تعددية، وهو ما سيكون بمثابة "توريث مقنع" إذا ما رشح الحزب الحاكم جمال مبارك - أمين لجنة السياسات بالحزب - لانتخابات الرئاسة المقررة عام 2011 خلفا لوالده الرئيس حسني مبارك (80 عاما).