قيل لي: كثيراً ما يأخذني الخيال، ويحلّق بي في آفاق بعيدة، وأتخيل نفسي في مواقع ومراكز كبيرة، ولكن سرعان ما أفيق على واقعي. أنظر حولي فأجد نفسي قابعاً في مكاني، متقوقعاً حول ذاتي، وسرعان ما أردّد في نفسي سؤالاً طال أمده معي: ماذا أريد؟ وأردف قائلاً: هل لديك إجابة عن هذا السؤال؟ قلت: نعم
واستطرد قائلاً: انظر معي إلى السؤال ( ماذا أريد؟) إنه سؤال مكوّن من كلمتين..! يتردد كثيراً على ألسنة الناس..! من هم مثلي ومثلك، ومن هم في مستويات أعلى، ومن هم غير ذلك، يوجّهه فرد لآخر، أو يوجّهه الفرد لنفسه..! وهو سؤال يحسبه الجاهل بسيطاً..! ويعتبره العالم من أصعب الأسئلة!
ولأننا ننشد النجاح دعونا نركز عن أسباب الوصول إليه..
إن من أولى خطوات أو أسباب النجاح اعترافنا بأهمية طرح هـذا السؤال:
ماذا نريد؟! أو ماذا أريد؟! أو ماذا تريد؟!
وذلك قبل الولوج في تنفيذ أي عمل، أو البدء في دراسة أي علم، أو البدء في التدريب على أي برنامج، أو الالتحاق بأية دورة تدريبية... الخ، ثم تتبع الإجابة عن سؤال: ماذا تريد؟ بسؤال ثانٍ:
ما هدفك؟
وبعد الإجابة وتحديد الهدف بشكل واضح لا لبس فيه، ولا غموض، ولا مبالغة، توجه لنفسك السؤال الثالث:
ما هي الوسائل التي سوف تتبعها؟ وما مشاقها المادية والمعنوية، والذهنية، والجسمانية التي قد تعترضك أثناء العمل على تنفيذ هذه الوسائل للوصول إلى تحقيق أهدافك..؟ وتأتي المرحلة الأخيرة.. وهي البدء في تحمل المشاقّ فعلاً .. أي البدء في الأخذ بالأسباب التي حددتها سابقاً، وكيف تواجه تبعاتها، ومشاقّها لكي تصل إلى تحقيق أهدافك أو هدفك المنشود.. وتحمّلك لهذه التبعات وتلك المشاق سوف تؤدي بك إلى الوصول إلى تحقيق أهدافك المرجوة..
إن من أولى وأهم بدايات رحلة النجاح أن نجسم أمام أعيننا أو في أذهاننا هدفنا الواقعي الذي نريد تحقيقه.
إن الفرق شاسع بين الإنسان الناجح والإنسان الغير ناجح، ويتمثل هذا الفرق
أولاً: في تحـويل الرغبة إلى هدف محدد يمكن تحقيقه على أرض الواقع!
ثانياً: تحديد الوسـائل، وتهيئة الظروف الملائمة لتحقيق الوصول إلى الهدف المحدد والمنشود، مع التجنب التام للوسائل أو الظروف التي قد تعيق الوصول إلى تحقيق هذا الهدف.
فإرادة الإنسان الناجح دائماً قوية، تدفعه إلى العمل الجاد، الذي يقوده إلى تحقيق الهدف المحدد..! إن نجاح أي عمل يبدأ بتحديد الهدف، أي تحديد ماذا تريد، حيث تركز كل جهودك، وأنشطتك - بعد تحديد الهدف - حول محور واحد محدد تحديداً واضحاً، ومن ثم - ومن طبائع الأمور - أن هذا التركيز للجهود والأنشطة ستكون نتائجه النجاح الباهر والمتميز .
ومن المزايا النفسية المصاحبة لعملية تحديد هدف ما يسعى الإنسان إلى تحقيقه، شعور هذا الإنسان بذاته، وبأهمية وجوده في الحياة، وأن هناك عملاً ما يجب القيام به للوصول إلى تحقيق هذا الهدف المنشود، وفي ذلك متعة نفسية عظيمة لا يقدرها إلاّ الناجحون والمتميزون، أصحاب الرسالات، والأهداف ذات الشأن والقيمة، فتحقيق الهدف أو الأهداف يحقق لهؤلاء الناجحين السعادة, إذ يشعرون بأنهم لا يشبعون النواحي الفسيولوجية (المأكل والمشرب، والسكن... الخ) لأنفسهم وفقط، بل يسعون دائماً لإشباع النواحي السيكولوجية (النفسية)، والتي قد تكون في أهمية النواحي الفسيولوجية لديهم..!
يقول برنارد شو: "إن الفرح الحقيقي: أن تخدم هدفاً عظيماً بدلاً من أن تكون أحمق أنانياً يشكو من أن العالم لا يكرس نفسه لإسعاده ."!
إن هؤلاء الناجحين تجدهم دائماً أصحاب قضايا كبرى، سواء خاصة بهم، أو خاصة بمجتمعاتهم وأوطانهم، وهناك العديد من الوسائل المساعدة والمعينة للإنسان الناجح ومن أهم هذه الوسائل :
1- تحديد الهدف الأكبـر أو الأسمى الذي تريـد الوصول إليه.
2- تحديد رسالة، ورؤية، وغاية، وهدف كبير تسعى إلى تحقيقه على المستوى الشخصي.. وهذا التحديد يتطلب منك اللجوء إلى التفكير، والتخطيط الإستراتيجي.
فما هي رؤيتك في المدى البعيد؟ أو: ما هي الصورة أو المكانة التي ترى نفسك فيها بعد عشر سنوات مثلاً؟! وما هي رسالتك في الحياة، والتي تحملها بين جناحيك وتسعى إلى تحقيقها؟! وما هي غاياتك وأهدافك التي تسعى للوصول إليها؟!
هذا التفكير الإستراتيجي سوف يساعدك على الإجابة عن هذه الأسئلة :
- ما هو موقعي الآن؟
- ماذا أريد أن أكون في المستقبل المنظور، والمستقبل البعيد؟
- أي رسالة أريد تحقيقها؟
- كيف ومتى وأين أحقق أهدافي ومن ثم رسالتي ورؤيتي وغاياتي؟
- ماذا عليّ أن أفعل الآن؟
- من أين أنطلق؟
3- قسّم هدفك الكبير أو أهدافك الكبرى إلى أهداف صغيرة، محددة البداية ومعلومة النهاية، في إطار رؤيتك ورسالتك، وما أن تنتهي من تحقيق مجموعة من الأهداف الصغيرة حتى تبدأ في المجموعة التالية لها.. فنتائج أو مخرجات المجموعة المنتهية من الأهداف الصغيرة.. هي مدخلات المجموعة التالية.. وهكذا حتى تصل إلى تحقيق هدفك الكبير في إطار من الفكر والتخطيط الإستراتيجي.
وعلى الإنسان الـذي يريد النجـاح أن يكتب الخطـة العامة الخاصة به، موضحاً فيها الرسالة، والرؤية المستقبلية، والغايات، والأهداف، والوسائل التنفيذية..
4- ذكّر نفسك دائماً بهدفك الكبير، وأهدافك الصغيرة.. واكتبها.. وارجع إليها يومياً - إن استطعت - أو أسبوعياً.. وحاسب نفسك على التقصير في الإنجاز.. وكافئها على الإنجاز.
5- لا تبالغ في تقدير - تحديد- طاقاتك، وقدراتك الشخصية.. فلكل إنسان قدرات وطاقات تختلف عن الآخر.. فيجب عليك أن تختار وتحدد أهدافك بما يتنـاسب ويتـوافق مع قدراتك وطاقاتك الشخصية والمعنوية، وميولك واتجاهاتك... الخ.
6- بعد تحديدك لأهدافك.. لا تتراجع عن تحقيقها..! فتحديدك لهذه الأهداف والمبني على التفكير الصحيح، والتخطيط السليم.. يعني أنك قطعت نصف المسافة أو نصف الطريق إلى تحقيق هذه الأهداف، وكل ما يبقى عليك عمله هو مواصلة السير بجد، وعزيمة وإرادة قوية لتقطع نصف الطريق الآخر، لتصل إلى تحقيق أهدافك المخططة..
7- ضعْ دائماً رؤيتك، ورسالتك وأهدافك الإستراتيجية أمامك.. وانظر إلى مكانتك التي تتمنى الوصول إليها..! وراقب الرسالة التي تعمل من أجلها..! وتابع النتائج المحققة من الأهداف المخططة.. وانظرْ إلى نهاية الطريق وما ينتظرك من نجاح، وتحقيق للآمال والأحلام!
8- استفدْ من نجاحاتك المتتالية.. فتحقيق أهدافك الصغيرة دليل على نجاحك المتواصل، ودليل على صحة السير في المسار..! ومعناه أيضاً انتقالك من مرحلة إلى مرحلة جديدة.
9- تذكّرْ دائماً أن نجاحك لا يعود بالنفع عليك وحدك وفقط، وإنما يعود بالنفع أيضاً على أهلك، وعائلتك الصغيرة، ومجتمعك الذي تحيا بين جنباته، وأنّ تذوّق حلاوة النجاح أعظم بكثير من تذوّق مرارة الفشل، ولكن عليك أن تقدّم أسباب تحقيق النجاح حتى تتذوق حلاوته .
وأخيراً ما أجمل أن يشعر الإنسان بأن له إسهامات ولو قليلة في رفعة شأن نفسه، ووطنه، وأمته.
lمنقول