أبدأ الموضوع بسؤال عن توقعاتك لمين اللي جاي بعد حسني مبارك . لكن قبل السؤال أحب إنك تقرا البحث اللي كتبه الأمريكي بروس روثرفورد
كتاب له صدر حديثا بعنوان "مصر بعد مبارك: الليبرالية والإسلام والديمقراطية في العالم العربي"، قال فيه أن هناك ثلاث قوى رئيسية داخل النظام السياسي المصري هي جماعة "الإخوان المسلمين"، والقضاة، ومجموعة رجال الأعمال، تعمل بشكل متوازٍ فيما بينها، وليس بصورة موحدة فيما بينها، من أجل التأثير على مستقبل مصر السياسي.
ويخلص الكاتب ستيفن كوك الباحث في شئون الشرق الأوسط بمجلس العلاقات الخارجية في عرضه للكتاب الذي نشرته مجلة الشئون الخارجية "Foreign Affairs"، تحت عنوان "السير بلا هدى على النيل: قيود على المعارضة بمصر"، أن ربيع الديمقراطية الذي شهدته مصر والعالم العربي عام 2005 قد تبدد.
ووفق ما نقل موقع "تقرير واشنطون" عن كوك، فإن "هذا التبدد لربيع الديمقراطية أثار قلق مسئولي إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش لمستقبل التحول الديمقراطي بمصر، في ظل غياب التأييد لنظام مبارك، ومعارضة كافة أطياف النظام السياسي المصري من اليساريين والناصريين والإسلاميين لسياسات الولايات المتحدة".
وحسب قوله، فقد انقسمت المعارضة المصرية على ذاتها خلال العقود الست المنصرمة، وهو الأمر الذي يصعب من تصور تجمع قوى المعارضة في ائتلاف موحد يمثل ضغطًا على نظام الرئيس حسني مبارك.
ويرى كوك، أنه منذ ثورة 1952 في مصر وهناك تياريان سائدان في التحليل الغربي لدور جماعة "الإخوان المسلمين" في النظام السياسي المصري؛ أولهما يرى أنها فاعل قوي في النظام السياسي المصري لا يمكن إغفاله عند الحديث عن الإصلاح السياسي في مصر.
أما التيار الآخر فيرى أنها لا تختلف عن "حزب الله" و"حماس" وحركات المقاومة في المنطقة التي تصنفها الولايات المتحدة والدول الغربية على أنها جماعات إرهابية، وأنها تهدف لتدمير الولايات المتحدة، وتعارض مصالحها في المنطقة.
وبين هذين التيارين، يضيف الباحث أن هناك تيارا من الباحثين والمحليين الغربيين يركز على تطورات داخل الجماعة وتصعيد قيادات شابة تؤمن بالمسئولية والشفافية وحكم القانون، ولكن هؤلاء الباحثين في الوقت ذاته لا ينسون تاريخ الجماعة المسلح والغاية العليا لها من أسلمة المجتمع والنظام السياسي المصري.
ويشير كوك إلى حديث روثرفورد عن أن هناك تطورًا ليبراليًّا في جماعة "الإخوان" مستندًا إلى مواقفها من حقوق المرأة، لافتا إلى أن كاتب الكتاب لم يقع فيما وقع فيه كثير من المحللين الغربيين الذين يعتبرون الجماعة كائنًا ساكنًا لا يتطور أو يتحرك، لكنه تحدث عن التغييرات والتطورات المعقدة داخل الجماعة وقدم تفسيرًا لها.
وأشار الكتاب إلى تراجع الجماعة عن العنف، وإلى دورها السياسي في الانتخابات وتحالفها مع عدد من قوى المعارضة في الانتخابات، وإلى أيضًا تقديمها برنامجًا انتخابيًّا،- رآه كوك – انه ليس ليبراليًّا، كما يرى كثيرون.
وانتقد كوك في مجمل عرضه، "مبالغة" مؤلف الكتاب في تأثير أربعة مفكرين إسلاميين هم: الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي، المستشار طارق البشري، الدكتور أحمد كمال أبو المجد والدكتور محمد سليم العوا، على أفكار الجماعة.
وأكد أن الأمريكيين والغربيين يدركون الشيخ القرضاوي من خلال آرائه وفتاواه من خلال برنامجه على قناة "الجزيرة" القطرية "الشريعة والحياة"، لاسيما فتاواه بالجهاد ضد الإسرائيليين وتبريره العمليات الاستشهادية ضدهم، باعتبارهم يخدمون بقوات "الدفاع" الإسرائيلية، كما يدركون آراءه التقدمية في التعليم والمرأة والإصلاح.
ويؤكد الكتاب "أن هؤلاء المفكرين الأربعة المؤثرين في أفكار الجماعة معتدلون في تفسيرهم للشريعة على عكس طالبان في أفغانستان والوهابيين في المملكة العربية السعودية، وأن هذا يتماشى مع الحداثة".
وركز روثرفورد في كتابه الحديث عن مساعي القضاء إلى استقلاليته، مشيرا إلى دور القضاء المصري في تدشين جدل حول قوة وشرعية النظام السياسي المصري خلال عقد الثمانينيات من القرن المنصرم، حيث أرغمت المحكمة الدستورية العليا الحكومة على تغيير قوانين الانتخابات أكثر من مرة، وأشار إلى دور القضاء المصري في الانتخابات البرلمانية عام 2005.
وتحدث عن العقبات والقيود التي واجهت القضاء في عام 2006 والصراع بين القضاة والحكومة والشد والجذب بينهما، ومظاهرات القضاة وسط القاهرة أكثر من مرة من أجل مطالبهم، وهو ما يرجعه الكاتب إلى محاولات الحكومة المستمرة تسييس القضاء ومساعي القضاة إلى استقلال مؤسسة القضاء وفرض حكم القانون.
ويؤكد روثرفورد أن الحكومة استجابت لعدد من مطالب القضاة، لكنها قوضت من نشاطهم الرئيسي، ويرى أن القضاء يمكن أن يعبر عن ضمير المصريين، وعن المتطلعين إلى حريات ومستقبل ديمقراطي أفضل.
ويرى أيضا أنه بمناصرة القضاة ونزولهم إلى الشارع المصري بفاعلية مثلما هو الحال في باكستان، سيساعد القضاء المصري في تشكيل مستقبل مصر السياسي.
وعن القوى الثالثة الفاعلة في النظام السياسي المصري - رجال الأعمال - يؤكد روثرفورد أنهم يزاوجون الآن بين الأعمال والسياسة، قاصدا نخبة رجال الأعمال بوزارة الدكتور أحمد نظيف الحالية التي لم تتغير في التعديل الوزاري الأخير.
ويشير إلى ثلاثة من الوزراء الذين يصوغون السياسة الاقتصادية لمصر منذ عام 2004 وهم: رشيد محمد رشيد (التجارة)، الدكتور يوسف بطرس غالي (المالية)، الدكتور محمود محيي الدين (الاستثمار)، وهم الثلاثة المقربون من جمال مبارك الأمين العام المساعد وأمين السياسات بالحزب "الوطني".
ويصف كوك الحزب "الوطني" بأنه أضحى حزب رجال الأعمال، ويشير في عرضه للكتاب إلى عدد من كبار رجال الأعمال في الحزب الحاكم، ومنهم على سبيل المثال أحمد عز وطاهر حلمي رئيس مجلس إدارة الغرفة الأمريكية للتجارة.
ويرى أن العلاقة بين رجال الأعمال والعمل السياسي ليست راجعةً إلى دور جمال مبارك السياسي بالحزب "الوطني"، لكنه راجع لفترة الرئيس المصري الراحل أنور السادات، موضحا أن سياسة الانفتاح التي تبناها الأخير أدت إلى تلك العلاقة الجدلية بين رجال الأعمال والعمل السياسي، وقد استمرت تلك السياسة خلال فترة الرئيس المصري الحالي محمد حسني مبارك.
ويرى أن العلاقة بين رجال الأعمال والحزب الحاكم هي الخلاصة المنطقية لعملية ترجع إلى ما يقرب من ثلاثين عامًا، وينتقد نظرة مؤلف الكتاب إلى رجال الأعمال بأنهم ليسوا جزءا مهما من النظام، لكن أحد الدافعين والمؤثرين على النظام لتبني إجراءات ليبرالية، حيث يرى أن تحليله في تلك النقطة ليس مقنعًا لأنه لم يتناول دور صندوق النقد الدولي خلال الثمانينيات والتسعينيات الذي دفع القاهرة إلى تنبي سياسات ليبرالية.
وحسب كوك، كان لصندوق النقد الدولي كبير الدور في التأثير على النظام المصري ليتبنى إصلاحات ليبرالية وليس هناك أي فاعل في النظام السياسي المصري، بما في ذلك رجال الأعمال، وتلك الإجراءات الإصلاحية التي أُرغمت الحكومة المصرية على اتخاذها خدمت مصالح طبقة رجال الأعمال.
ويقول كوك: إن طبقة رجال الأعمال رحبت بتلك الإجراءات الإصلاحية ـ تحديث الاقتصاد المصري ـ لأنها مكنتهم من تحقيق مكاسب ومنافع من العولمة
ويخلص في عرضه إلى أن كتاب روثرفورد أظهر أن أيًّا من القوى الثلاثة التي تحدث عنها ليست مؤمنة بالديمقراطية، لكنه يوضح بصورة جلية أن مجموعة من الليبراليين يواجهون بجهود منفردة عددًا من سياسات الحكومة المصرية، وحسب تحليل روثرفورد فإذا استمرت تلك المجموعة الليبرالية في ممارسة دورها التأثيري فإنه في يوم من الأيام سيحدث تغيير في النظام السياسي المصري إلى نظام ليبرالي إن لم يكن نظامًا سياسيًّا ديمقراطيًّا.
ويرى أيضا أن القوى الثلاثة التي تحدث عنها روثرفورد في كتابه: جماعة "الإخوان المسلمين" والقضاة ورجال الأعمال وغيرها من القوى ليست قادرة على تشكيل قوة ضغط على النظام المصري بالطريقة التي يتحدث عنها روثرفورد في كتابه.
وعلل ذلك، بالقول: إن الحكومة المصرية تختلف عن الأنظمة الشيوعية في وسط وشرق أوروبا خلال عام 1989 التي كانت قابعة تحت ضغط التناقضات الداخلية، لكن الحكومة المصرية قوية ومرنة أكثر مما يتوقع روثرفورد في كتابه.
ويؤكد كوك في نهاية عرضه: "أن "السلطوية" لن تستمر في حكم مصر إلى الأبد ولكن خبرة سبعة آلاف عامٍ تشير إلى أنها ستظل مستمرة لفترة طويلة من الزمن".
وأرجع تاني وأسألك ...مين اللي هيحكمنا بعد مبارك ؟