هل مازالت لدينا فرصة لإنقاذ كوكبنا الأرض ؟
"ماذا قد فعلنا بعالمنا ؟ انظر إلى ما قد فعلناه." هكذا غنّى مايكل جاكسون في أغنيته الأرض عام 1995 و عبر عن كثرة ما يعانيه كوكبنا الأرض من آلام. " علينا أن نفعل شيئاً من أجل البيئة " من منا لم يستمع إلى هذه الجملة ؟ لقد بات معروفاً أن المناطق الاستوائية قد تجردت من أشجارها و كذلك ذوبان ثلوج كلٍ من القطبين الشمالي والجنوبي. و لكن هل الوضع فعلاً بهذا السوء؟ و ماذا يمكن أن يحدث نتيجةً لذلك؟
إن البيئة في الأساس هي العالم الذي يحيط بنا. و في علم البيئة تعرف بأنها إجمالي العوامل التي تؤثر في الطبيعة. والعلاقة بين الإنسان والبيئة في بادئ الأمر علاقة طبيعية جداً و عادية. فمنذ نشأة الإنسان و هو يؤثر في البيئة و كذلك تؤثر هي فيه بطبيعة الحال، فعلى سبيل المثال قامت البشرية في بدايتها باصطياد الحيوانات و قتلها ، كما قد تحول لون سكان أفريقيا الأوائل إلى اللون الأسمر لحمايتهم من تأثير أشعة الشمس.
لم يهتم أسلافنا بنتائج تأثيراتنا على الطبيعة لأنها كانت في أماكن محدودة في أغلب الأحيان. كما أنهم لم ينتبهوا على الإطلاق إلى النتائج الضارة الطفيفة أو أنهم قد تحملوها . و إذا ما حدث أن كانت النتائج السلبية خطيرة كان الإنسان يهرب منها مهاجراً إلى منطقة أخرى جديدة. أما الآن فما عادت تجدي هذه الحيلة. فلقد أصبح هناك الكثير من الناس يسكنون الأرض ،كما قد أصبحت النتائج السلبية لسلوكنا لا حصر لها. إن الهجرة هكذا ببساطة باتت أمراً مستحيلاً، لأنه لم يعد هناك مكان لم تمتد إليه يد الإنسان.
تلوث البيئة ذنب الإنسان وحده
بالطبع يمكن أن تحدث أضرار بالطبيعة ليس للإنسان يد في حدوثها ( مثل البراكين و النيازك ...إلخ) و لكن السبب الرئيسي في المشاكل البيئية يكمن بلا شك في سلوك البشر . فبالرغم مما حققه التطور التقني في أوجه إيجابية عديدة لصالح كوكبنا ( مثل اختراع السخانات الشمسية) ، إلا أن النتائج السلبية لسلوكنا تطغى في الوقت نفسه على هذه الإيجابيات. كما أنه لا يقف التصنيع وحده خلف التقدم الصناعي و لكن هناك أيضاً أساليب إجرائية وطرق يتم تطويرها في العديد من المجالات كما في الجيش مثلاً؛ فالحروب لا تضر البشر بشكل مباشر فحسب، ولكن أيضاً بشكل غير مباشر عن طريق تلويث البيئة.لقد قال ألبرت أينشين ذات مرة : " إنني لا أعلم بأي الأسلحة سوف نتقاتل بعضنا بعضاً في الحرب العالمية الثالثة ، و لكنني أعلم أننا في الحرب العالمية الرابعة سوف نتقاذف بالعصي و الحجارة."
إن ما يسمى بتلوث البيئة يمكن أن ُيقسم تاريخ نشأته إلى خمس مراحل:
عندما تعلمت البشرية كيف تتعامل مع النار (قبل حوالي 250 ألف سنة ) هنالك ظهر لأول مرة أحد ملوثات البيئة المختلقة ، وإن كانت لا تذكر إلى حد كبير .
و مع بداية العمل بالزراعة تغير الإنسان و بالتالي تغير النظام البيئي . إلا أنه لم يترتب على هذا نتائج ذات أثر بالغ ، إذ أن عندما تصبح أحد المناطق غير خصبة من الممكن أن تجدد الطبيعة نفسها سريعاً مرة أخرى .
و حينما بدأ الإنسان في بناء المدن بدأ التعدي على البيئة الذي لم يكن ممكناً إيقافه أو التراجع عنه. ومن الممكن أن نتخذ إزالة مساحات عديدة من الغابات و صهر المعادن أمثلةً على ذلك.
ثم أعقب ذلك الاتجاه نحو التصنيع في الفترة ما بين القرن التاسع عشر و القرن العشرين . و قد تضررت جراء ذلك الأقاليم القريبة من المصانع على وجه الخصوص بشكل كبير، لدرجة أن النباتات فيها قد ماتت بسبب الغازات المنبعثة من دخان المصانع . و هكذا أصبحت المشاكل البيئية العالمية كثقب الأوزون على سبيل المثال أحد سمات القرن العشرين و كذلك ما يحدث الآن من تغير للمناخ بسبب غازات الاحتباس الحراري ، كما قد بدأت مواد عضوية ضارة طويلة العمر أن تنتشر في شتي أنحاء العالم.
هؤلاء يفعلون شيئاً
في هذه الآونة نعيش في القرن الحادي و العشرين و موضوعات كالوعي البيئي و حماية المناخ تملأ السمع و البصر كل يوم – على الأقل في أوروبا . ما هو الحل الآن إذن؟ لقد حاولنا بالفعل خلال العقود الماضية العمل من أجل حماية البيئة ، أو لعلنا لم نفعل ؟
هنا يأتي دور المنظمات البيئية الدولية .و تعتبر منظمة السلام الأخضر Greenpeace أشهر المنظمات العديدة القائمة التي تعمل من أجل الحفاظ على البيئة خصوصاً من خلال حملاتها الاحتجاجية الرائعة كما حدث عام 1995 ، عندما كانت المنشأة النفطية برنت سبار على وشك الغرق في البحر و قامت منظمة السلام الأخضر بمنع وقوع ذلك .
هناك أيضاً منظمات أخرى و كذلك في الدول العربية . فقد نشأ اتحاد ألمانيا لشؤون البيئة وحماية الطبيعة BUND جمعية مسجلة والتي من ضمن أهدافها السياحة صديقة البيئة و الاقتصاد في استخدام الطاقة . كما يوجد أيضاً اتحاد " أصدقاء الطبيعة" التي تعرف نفسها بأنها اتحاد معنيُّ بشؤون البيئة و السياحة صديقة البيئة و الرياضة و الثقافة. أضف إلى ذلك تحمس المنظمة الاتحادية ضد ضوضاء الطيران و التي تهدف إلى تجنب الأضرار الناجمة عن النقل الجوي وهي تعمل في نطاق الدول الأوروبية . أما في الدول العربية فيعمل مركز حابي للحقوق البيئية بمصر من أجل أن يحيا الإنسان في بيئة آمنة و أن يكون لكل إنسان الحق في الانتفاع بالموارد الطبيعية. أما عن جمعية " أصدقاء الأرض" فهي عبارة عن تشكيل يتألف من حوالي 70 منظمة حماية بيئة قومية حول العالم مكونةً بذلك شبكة عالمية لحماية البيئة ،و هي تسعى لتحقيق عالم مسالم و صديق للبيئة تحيا فيه المجتمعات في توافق مع بعضها البعض و في تناغم مع الطبيعة.
و أرى أنه بالرغم من أن منع تغير المناخ بات غير ممكناً ، إلا أننا نستطيع أن نحاول وضع حد له و ألا نزيد من خطورته.