أعادت دراسات حديثة الحق للشوكولاته وأسقطت عنها معظم التهم التي ألصقت بها من قبل، بدءا من تأثيرها على جمال البشرة وجمالها، كونها مسببا رئيسيا لظهور حب الشباب ومحفّزا لنشاط الغدد الدهنيّة.
الدراسات العلمية الأخيرة تشير إلى العكس، وأن مادة الكاكاو المكوّن الأساسيّ للشوكولاته، تتمتع بمزايا علاجية مذهلة، منها ما هو منشط للدورة الدموية، ومنها ما هو مجدد لبنية البشرة، كما منها ما يريح الأعصاب ويزيل التوتر.
وقد عزز هذه الحقائق اختبارٌ حمل بصمات ألمانية وأُجري على سيّدة طلب منها شرب نصف كوب من الكاكاو يوميا خلال 3 أشهر، وأظهرت النتيجة أن بشرتها بدت أكثر نعومة وترطيبا، وأكثر قدرة على تحمل أشعة الشمس.
حقائق لو عرفها كريستوف كولومبس خلال رحلته الرابعة إلى أميركا الوسطى، في عام 1502، لما أهمل حبوب الكاكاو التي تبادلها معه إمبراطور الأزتيك آنذاك، ولكان هو من حمل لقب مكتشف الذهب البنيّ وليس هيرنان كورتيس الذي بعد 17 عاما على هذه الواقعة، حملها إلى وطنه الأم إسبانيا وهو مدرك أهميتها الاقتصادية والمعنويّة على حد سواء.
فقد أدرك قيمتها لدى الأزتيك الذين كانوا يعتبرون شجرة التيوبر وما تحمله من ثمار الكاكاو طعاما للآلهة، وتعرف على مزاياها عن قرب، مما شجعه على منح بلاده عقد احتكار لزراعة الكاكاو وتجارته في كل المستعمرات الإسبانية على مدى قرن من الزمن.
بعدها انطلقت مسيرة الكاكاو كعنصر أساسي في صناعة شراب الشوكولاته والتحليات على أنواعها، وأخيرا دخلت النافعة في تركيبات شهيّة تستهدف تجميل البشرة وإراحة الجسد وتحسين المزاج.
فالكاكاو يحتوي على مركّب البوليفينول polyphenol وهو مضاد للأكسدة بقوة تساوي ثلاثة أضعاف ما هو متوافر في الشاي الأخضر، ويعدّ من العناصر الفاعلة في مقاومة الجذريات الطليقة المسببة لشيخوخة الخلايا.
كما أنّه يقويّ دفاعات الخلايا في مواجهة أشعة الشمس عن طريق زيادة سمك النسيج، ويعزز قدرتها على حبس الرطوبة والتنّعم بالشباب الدائم، كما أن بروتينات الكاكاو تنشّط الدورة الدموية الصغرى مما يسّهل وصول المواد المغذية إلى الخلايا فتبدو البشرة مشدودة ونضرة.
كما أن الشوكولا مشبّع بمادة الثيوبرومين Theobromine التي تهدئ المزاج وتريح قسمات الوجه فتبدو مشرقة.
وتتوافر هذه العناصر ضمن تركيبات عديدة منها مخصص للاستخدام في مراكز التجميل وأخرى موجهة للاستعمال المنزلي كمستحضر «فيتوشوك ليفتينغ سيروم» من نوكس والمدّعم ببروتينات الكاكاو والبوليفينول المقاومة لشيخوخة البشرة.
أما التركيبات المدعمة بزبد الكاكاو، فهي تشّكل مصدر الترطيب العميق الذي يناسب البشرة الجافة، ويوصى بها للحوامل لمنع تشقق الجلد خلال مرحلة الحمل، فتكتسب معها البشرة النعومة واللمعان، ويمكن رصد هذه المنافع ضمن مجموعة «كاكاو باتر بودي» cocoa butter body من «بادي شوب»، التي تشمل كريمات لترطيب الوجه واليدين والجسم كله إلى جانب منتجات لترطيب الشفاه وغيرها.
وتجدر الإشارة إلى أن الشوكولاته تحتوي على نسبة ضئيلة من الكافيين الذي يعمل على تنيشط الدورة الدمويّة وتفعيل الغدد اللمفاوية مما يسّهل تصريف الماء المحتبس في الجسم وطرد السموم.
لهذا تستخدم كعلاج للتخلص من السيلولايت في مراكز التجميل، عن طريق مدّ الشوكولاته الدافئة على كامل أجزاء الجسم وتغليفها بالنايلون لمدة 20 دقيقة، على أن تزال الطبقة لاحقا بواسطة الماء الدافئ وتكون النتيجة بشرة جسم ناعمة ومتجانسة وخالية من التموجات.
وقد ذهبت بعض المختبرات إلى حد الاستفادة من خواص الكاكاو لابتكار مستحضرات تمنح البشرة اسمرارا ذاتيا من دون الحاجة إلى التعرّض إلى الشمس، هذه التركيبة ثورية رصدناها لدى مختبرات كلارنس ضمن مستحضر «ديليشوس سلف تانينغ كريم».
وفي حين تمنع الشوكولاته عن الذين يتبعون حمية غذائية منحفة بسبب احتوائها على نسبة عالية من الوحدات الحرارية، إلا أنها من المحبّذ تناول قطعة صغيرة من الشوكولاته التي تحتوي على 70% من الكاكاو يوميّاً، لما فيها من منافع صحيّة، خصوصا على النظام العصبيّ.
فالشوكولاته المرّة تحتوي على أكثر من 300 مركبّ كيميائي، منها ما ينشّط مادة الأندورفين التي تساهم في التخفيف من آثار الضغط النفسي وتمنح الشعور بالسعادة، ومنها ما يخفف من الإحساس بالألم ويزيل التشنّجات العضليّة، بالإضافة إلى أنها تساعد الجسم على إفراز مادة السيرتونين المقاومة للكآبة.
إذاً، أصبح بإمكاننا التمتع بالشوكولاته لأسباب صحية وجمالية، ولم يعد هناك داع للشعور بالذنب.