هل يعي الناس خاصة الأثرياء منهم ما يمكن أن يكون عليه موقف الخالق عز وجل منهم إذا مالوا إلي السرف والإسراف المنهي عنهما في القرآن الكريم؟
إنهم نوع من البشر مرفوض من الله.. هالك عنده.. ومن أصحاب النار..
ولنتعرف علي السرف لغويًا..
إن الخطأ خاصة المتعمد.. بما يعني الإصرار والمكابرة علي إتيان كل ما هو مخالف لطبائع الأشياء بذلاً في سلوك أو عمل أو مال.. مثل تجاوز المطلوب في عمل أو إهدار المال في منفعة للعباد..
ولا شك أن ما نعيشه اليوم من عام 1430 هـ 2009 م سواء في مصر أو غيرها من بلادنا الإسلامية وغيرها يجسد كثيرًا من السرف وينذر المسرفين بالهلاك في النار والعياذ بالله.
وهذه أمثلة علي نوعيات مختلفة من السرف في أكثر من عمل ومجال.
فهذه مقدمة برنامج تليفزيوني تكاد وهي تعلق علي خطاب الرئيس الأمريكي أوباما في جامعة القاهرة: أن تطالب مشاهديها صراحة باعتبار خطابه حديثاً نبوياً شريفًا يجب استلهامه واتباع سنته وتعاليمه.
وهؤلاء كتبة في صحف بعضها مملوك للشعب يتنافسون فيما بينهم تشكيكًا في الحكم القضائي الصادر بإعدام هشام طلعت مصطفي والإشادة بما يردده الدفاع عنه المستأجر منه وأهله..
وأخيرًا وليس آخرًا:
ذلك النفر من أثريائنا المترفين الذين ينفقون الملايين علي حرام الملذات المؤثمة وسفه الزيجات والأفراح مما ينهبونه تحت سمع السلطة ومشاركتها من حقوق وأموال من يتعاملون معهم.
وأمثالهم عشرات وآلاف..
لا سرف بله..
ولكن سرفًا متعمدًا.. فيه إيغال علي الشذذ في التفاخر والبطر تباهيًا وتنافسًا مع أقرانهم في الخروج علي المألوف إثمًا وبغيًا وامتهانًا لخلق الله وعصيانًا لتعاليمه وما أكثرها.. بدءًا مما اتصل بالأكل والشرب وصولاً إلي السلطة القابضة علي مقادير المجتمعات وما تكسبه صاحبها من إمكانات الإسراف في الاحتكار والبغي وما يصل بهم وبها إلي حد القتل.
ولتكن بدايتنا بأبسط صور الإسراف ومحدودية تأثيرها في جموع الناس وصولاً إلي إسراف الحكام وحلفائهم من أهل المال والنفوذ.
قال تعالي:
«وكلوا واشربوا ولا تسرفوا»31 الأعراف
«والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا»67 الفرقان
أما أخطر أنواع الإسراف وأشدها عقابًا عند الله فتبدو فيما تغري به قوة السلطة أصحابها وحلفاءهم من فتنة استعلاء وتفرد ونزوع إلي البطش الجبار القاتل..ففي الآيتين 30، 31 من سورة الدخان يصف الله فرعون بأنه من المسرفين بحكم استعلائه علي قومه وناصحيه وانغماسه في البغي والطغيان «ولقد نجينا بني إسرائيل من العذاب المهين.. من فرعون إنه كان عاليًا من المسرفين»
ويصف الحق سبحانه في الآية 83 من سورة يونس بعض فتنة إسراف فرعون وجبروته وما نشراه بين الناس من رعب قائلاً سبحانه: «فما آمن لموسي إلا ذرية من قومه علي خوف من فرعون وملإيهم أن يفتنهم.. وإن فرعون لعال في الأرض وإنه لمن المسرفين».
اللهم..
وبحق شهرك الكريم عام 1430هـ 2009م
بارك في رفض الناس لإسراف أثريائهم المترفين!!
اللهم
وانصرنا من قبلهم ومن بعدهم علي رعاة إسرافهم وشركائهم فيه من حكامنا المتفرعنين!!