تحرم سلطات الاحتلال الإسرائيلى الأطفال الأسرى من أبسط الحقوق التى تمنحها لهم المواثيق الدولية، هكذا يشتكى موظفو السلطة الفلسطينية المكلفين بمتابعة أوضاع الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية.
وحسب هؤلاء الموظفين فإن من بين الحقوق الأساسية التى تحول سلطات الاحتلال الإسرائيلى دون حصول الأسرى الفلسطينيين عليها الحق فى عدم التعرض للاعتقال العشوائى، والحق فى معرفة سبب الاعتقال، والحق فى الحصول على محامٍ، وحق الأسرة فى معرفة سبب ومكان اعتقال الطفل، والحق فى المثول أمام قاضٍ، والحق فى الاعتراض على التهمة والطعن بها، والحق فى الاتصال بالعالم الخارجى، والحق فى معاملة إنسانية تحفظ كرامة الطفل المعتقل.
ويقول وزير شئون الأسرى والمحررين الفلسطينى عيسى قراقع فى تصريحات خاصة لـ«الشروق» أن حقوق الأسرى الفلسطينيين أصبحت مهددة بشدة منذ انتفاضة الأقصى، مشيرا إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلية تقوم باختطاف الأطفال الفلسطينيين منذ بداية «انتفاضة الأقصى». ويقول إن قوات الاحتلال الإسرائيلى أسرت قرابة 6200 طفل، فيما لا تزال تعتقل قرابة 337 طفلا آخر فى السجون والمعتقلات ومراكز التوقيف والتحقيق الإسرائيلية.
وتقوم سلطات الاحتلال الإسرائيلى، حسبما يقول الوزير الفلسطينى، بضرب عرض الحائط بحقوق الأطفال المحرومين من حرياتهم، وتتعامل معهم «كمشروع مخربين»، وهى التسمية التى تطلقها قوات الاحتلال على المقاومين الفلسطينيين، وأذاقتهم أصناف العذاب والمعاملة القاسية والمهينة، من ضرب وحرمان من النوم ومن الطعام، وتهديد وشتائم وتحرش جنسى، وحرمان من الزيارة، واستخدمت معهم أبشع الوسائل النفسية والبدنية لانتزاع الاعترافات والضغط عليهم لتجنيدهم للعمل لصالح المخابرات الإسرائيلية.
أوامر عسكرية وتمييز عنصرى
وأضاف قراقع تنتهج حكومة إسرائيل سياسة التمييز العنصرى ضد الأطفال الفلسطينيين. فهى تتعامل مع الأطفال الإسرائيليين بصورة تختلف عن معاملتها للأطفال الفلسطينيين، من خلال نظام لا تتوافر فيه أية ضمانات قانونية، أو محاكمات عادلة. وفى ذات الوقت، فإن إسرائيل تعتبر الطفل الإسرائيلى هو كل شخص لم يتجاوز سن 18 عاما، فى حين تتعامل مع الطفل الفلسطينى بأنه كل شخص لم يتجاوز سن 16 عاما.
وقال الوزير الفلسطينى، خلافا لالتزاماتها بتوفير ضمانات قضائية مناسبة لاعتقال الأطفال ومحاكمتهم بموجب اتفاقية حقوق الطفل والقانون الدولى الإنسانى، طبقت سلطات الاحتلال الإسرائيلى أوامر عسكرية عنصرية على الأطفال الفلسطينيين الأسرى، وتعاملت معهم من خلال محاكم عسكرية تفتقر للحد الأدنى من معايير المحاكمات العادلة، خصوصا الأمر العسكرى 132، الذى يسمح لسلطات الاحتلال باعتقال أطفال فى سن 12 عاما.
ظروف السجون ومراكز الاعتقال
يعانى الأطفال الفلسطينيون الأسرى فى السجون والمعتقلات الإسرائيلية من ظروف احتجاز قاسية وغير إنسانية تفتقر للحد الأدنى من المعايير الدولية لحقوق الأطفال وحقوق الأسرى. فهم يعانون نقص الطعام ورداءته، وانعدام النظافة، وانتشار الحشرات، والاكتظاظ، والاحتجاز فى غرف لا يتوافر فيها تهوية وإنارة مناسبتين، والإهمال الطبى وانعدام الرعاية الصحية، نقص الملابس، عدم توافر وسائل اللعب والترفيه والتسلية، الانقطاع عن العالم الخارجى، الحرمان من زيارة الأهالى، عدم توفر مرشدين وإخصائيين نفسيين، الاحتجاز مع البالغين، الاحتجاز مع أطفال جنائيين إسرائيليين، الإساءة اللفظية والضرب والعزل والتحرش الجنسى، والعقوبات الجماعية، وتفشى الأمراض. كما أن الأطفال محرومون من التعليم.
إن اعتقال واستجواب وسجن الأطفال الفلسطينيين فى الضفة الغربية من قبل القوات العسكرية الإسرائيلية وضباط الشرطة وغيرهم من أفراد الأمن الإسرائيلى، ليس بظاهرة جديدة. فقد دأبت اسرائيل على اعتقال ومحاكمة الأطفال الفلسطينيين منذ احتلالها للضفة الغربية وقطاع غزة فى عام 1967.
فخلال الانتفاضة الأولى، تم اعتقال الأطفال وتوقيفهم بأعداد جماعية بتهمة إلقاء الحجارة وغيرها من أشكال المقاومة السياسية. أما أثناء الانتفاضة الثانية، فقد بدأت اسرائيل باستخدام الاعتقال الإدارى ضد الأطفال الفلسطينيين وقامت إسرائيل بإدانة وسجن الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 14 عاما لفترات تصل إلى 6 أشهر. ووفقا لما جاء فى التقرير السنوى للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال لعام 2002، لم تكن أنماط الاعتقال هذه موجودة خلال سنوات الانتفاضة الأولى.
وحسب تقارير السلطة الفلسطينية فإنه على مدى السنوات التى أعقبت الانتفاضة الثانية، أصبح اعتقال واستجواب وسجن الأطفال الفلسطينيين عملية ممنهجة، وذلك بوجود أعداد شهرية من الأطفال المعتقلين تتراوح بين 350 و430 طفلا. وحتى نهاية يوليو 2007، كان هناك نحو 385 طفلا فلسطينيا رهن الاعتقال الإسرائيلى.
خلال الفترة من شهر يناير إلى يونيو 2007، صدرت أحكام بالسجن لمدد تتراوح بين 12 شهرا و3 سنوات أو أكثر بحق 47.1٪ من الأطفال الفلسطينيين الذين مثلوا أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية، ولم تتم تبرئة أى طفل من التهم المنسوبة له.
يعتبر النظام العسكرى الإسرائيلى الذى تتم بموجبه محاكمة الأطفال الفلسطينيين فى الضفة الغربية جزءا من النظام القانونى العسكرى الأوسع الذى يتحكم بمختلف مناحى حياة الفلسطينيين.
نقلا عن جريدة الشروق