وأنا رايح الشغل، وأنا راجع.. لما أصحى أو أنام، لما يتأخر أولادى فى المدرسة أو فى النادى.. فى كل حالات اليوم، أنا فعلاً خايف!
الخطر قائم وقادم وبلا مقدمات، والقتل أصبح لأتفه الأسباب، لا يمر يوم وأنا فى طريقى للعمل إلا وأشاهد معركة على الأقل بين سائقى الميكروباص وسائق ملاكى، تستخدم فيها السكاكين والمفكات ومفاتيح الإطارات.. بصراحة، سائقو الميكروباص كلهم إيد واحدة، فى الحق والباطل.. ويا بخته من نجا.
جاءتنى ابنتى فى آخر يوم امتحانات، الخميس الماضى، تبكى وترتجف، كانت فى حالة هستيرية، سائق أتوبيس المدرسة تشاجر مع سائق ميكروباص لأسباب تافهة، فأغلق عليه السائق الطريق وهبَّ زملاؤه لمساعدته، فصعدوا بأسلحتهم إلى أتوبيس المدرسة وسط صراخ تلميذات الابتدائى الصغيرات، ليضربوه علقة ساخنة أو باردة، وكان من السهل أن تتحول إلى واحدة من جرائم القتل السهل الذى نشاهده يومياً، لولا لطف الله!
الموت فى الطريق جائز وممكن ومحتمل.. لكن القتل فى البيت أيضاً يأتيك من كل صوب، من بواب أو قريب حاقد، أو لص «مبرشم» يريد ثمن إدمانه، ربما يأتى القتل من الزوجة أو الزوج، وربما يقتل أحدهما أطفاله أو أبناءه الكبار كرهاً أو خوفاً عليهم أو خللاً نفسياً..
المهم أن القتل أصبح عادياً ومتاحاً.. لا أريد أن أستشهد بجرائم تعرفونها جيداً، ابن البواب الذى قتل الدكتورة فى مدينة نصر، وزوج الخادمة الذى قتل المصرفية الشهيرة فى الجيزة، والمهندس الذى قتل زوجته وابنيه، والضابط الذى قتل لاعب كرة اليد بسبب خناقة مرور و.. و..
عودة سريعة إلى صفحات الحوادث فى الصحف، سنعرف أن القتل تحول إلى طقس يومى، لأى سبب، ليس الفقر وحده، ولا الفقراء هم القتلة ولا الجهلاء، الكل يقتل ولهذا فمن السهل واليسير والممكن أن أكون أنا أو أنت أو مَنْ نحب القتلى المحتملين!
ليست الأزمة سببها الأمن.. التغير حدث فى التركيبة النفسية للمصريين، فتغيرت نحو الأسوأ، نحو العنف العشوائى.. الأمراض النفسية تتزايد، الكراهية تكبر فى النفوس، الرغبة فى التخلص من الحياة قد تكون دافعاً للقتل كما هى دافع للانتحار.
لسنا فى حاجة إلى دراسة من علماء النفس والاجتماع، نحن فى حاجة إلى إعلان حالة طوارئ حقيقية، مثل التى استخدمناها ضد الخنازير.. نريدها ضد العنف الذى أصبح جزءاً من سلوكنا.. مشروع حكومة وأحزاب وإعلام.. صدقنى، الخطر معك وحولك، فى بيتك كما هو فى الشارع، فلمن نصرخ: «إلحقونا»؟!