شن نائبان في مجلس الشورى الإيراني هجوما شديدا على دولة الإمارات العربية المتحدة، حيث اعتبر أحدهما أن جميع أراضيها كانت محمية تابعة لإيران، وأن مطالبتها بالتفاوض على مصير الجزر الثلاث في الخليج العربي يعد "وقاحة"، فيما حذر الثاني من أن المطالبة بالجزر من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع حرب بين البلدين.
وطالب أحد النائبين -من ناحية أخرى- بلاده باتخاذ إجراءات تلزم السلطات الإماراتية بحسن معاملة المواطنين الإيرانيين الذين يترددون عليها، زاعما أنهم يتعرضون لانتهاكات، بحسب ما نشر موقع "العربية نت" .
وجاء الهجوم الموجه ضد الموقف الإماراتي من قضية الجزر، بعد أيام من أنباء عن مقاطعة الإمارات للقمة التي عقدت بالدوحة بسبب مشاركة الرئيس الإيراني فيها، وبعد أشهر من استدعاء الخارجية الإماراتية للقائم بالأعمال الإيراني في أبو ظبي، حيث سلمته مذكرة احتجاج على قرار أذاعه التلفزيون الإيراني بشأن إنشاء مكتبين للأعمال البحرية في جزيرة أبي موسى المتنازع عليها بمياه الخليج العربي.
تتمة المقالة في الأسفل ↓
advertisement
وعلى هامش النزاع على الجزر الثلاث في الخليج شنت وسائل إعلام إيرانية هجوما على السلطات الإماراتية بدعوى سعيها لطرد رجلي دين شيعيين في الإمارات.
وفي حوار مع موقع "عصر إيران" الإخباري، وصف النائب عوض حيدر بور -عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني- مطالبة الإمارات العربية المتحدة بلاده بقبول مبدأ المفاوضات حول الجزر الثلاث أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، بأنه "مطلب وقح للغاية"، قائلا إن "البلد الذي كان محمية إيرانية سابقة يدعي اليوم ملكية أراض تعود للوطن الأم"، في إشارة إلى إيران.
وقال حيدر بور إن كافة الوثائق والشواهد تثبت أن جزر طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبي موسى تعود تبعيتها إلى إيران منذ تأسيس الدولة، بل إن الإمارات العربية المتحدة كانت نفسها جزءا من أراضي إيران، مضيفا "من الوقاحة أن تدعي الإمارات ملكية أراض إيرانية، والأكثر وقاحة أن يجد هذا الادعاء من يؤيده"، في إشارة لدعم دول مجلس التعاون الخليجي والدول العربية عامة لموقف الإمارات في المطالبة باستعادة الجزر الثلاث.
وأضاف "أن قادة بعض الدول يعطون الضوء الأخضر للإمارات بغية استرضائها، ونحن نحذر هؤلاء ونقول لهم إن الحديث بخصوص أراضي الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو شأن إيراني، ولا يحق لمن لا يعرف إيران والإمارات الخوض في هذا الأمر".
وبدوره حذر النائب الإيراني داريوش قنبري، ممثل مدينة إيلام في مجلس الشورى الإيراني، من أن مطالبة الإمارات بالجزر الثلاث هو بمثابة إعلان حرب على بلاده، مهددا أن دعوة من هذا النوع من شأنها أن تؤدي بالفعل إلى اندلاع حرب بين البلدين.
وأعاد النائب إلى الأذهان الحرب العراقية الإيرانية، التي قال لموقع "تحليل" الناطق بالفارسية، إنها اندلعت إثر مطالبات بالأرض، مضيفا "أن تكرار الادعاءات الإماراتية التي لا أساس لها من الصحة ربما تؤدي إلى نشوب حرب"، واتهم الإمارات -في هذا الصدد- بأنها تقوم برشوة بلدان -لم يسمها- لدعم موقفها.
وكانت الشهور الماضية شهدت مواجهة دبلوماسية بين الإمارات وإيران، حيث قامت وزارة الخارجية في أبو ظبي باستدعاء القائم بالأعمال الإيراني في أغسطس/آب 2008، وسلمته مذكرة احتجاج على قرار أذاعه التلفزيون الإيراني الرسمي بشأن إنشاء مكتبين للأعمال البحرية في جزيرة أبي موسى بمياه الخليج.
وأعربت الإمارات عن أسفها للقرار، معتبرة إياه "انتهاكا لا يساعد على ترقية العلاقات الثنائية بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إيران الإسلامية"، وأضافت أن "الوضع في جزيرة أبي موسى لا تزال تحكمه مذكرة التفاهم المبرمة في نوفمبر/تشرين الثاني 1971"، معتبرة أن إنشاء مكتبين للإنقاذ البحري وتسجيل السفن على الجزيرة أعمال غير مشروعة وانتهاك صارخ لمذكرة التفاهم.
وتحتل قضية الجزر بندا ثابتا على قائمة قرارات القمم العربية منذ عقود، وقد شهدت القضية دفعة خاصة في القمة الخليجية التي عقدت بالدوحة العام 2007، حيث "خيَر قادة الخليج إيران بين التفاوض على الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة وبين اللجوء إلى التحكيم الدولي"، كما عقد الرئيسان الإماراتي الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان والإيراني محمود أحمدي نجاد اجتماعا ثنائيا على هامش القمة بتدبير من أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني.
وسيطرت إيران على الجزر الثلاث في 1971، قبيل الإعلان عن قيام دولة الإمارات العربية المتحدة، وبعيد جلاء القوات البريطانية عنها. وتتحكم هذه الجزر في حركة المرور في الخليج العربي عبر مضيق هرمز بين الإمارات وإيران.واستمرارا لموجة الهجوم على الإمارات في إيران، وجه موقع تابناك الإلكتروني التابع لأمين مجلس تشخيص مصلحة النظام الإيراني الجنرال محسن رضائي اتهاما للإمارات بالعمل على طرد عدد من رجال الدين الشيعة من أراضيها، وقال إن السلطات الإماراتية امتنعت عن تجديد تأشيرة إقامة رجل الدين الإيراني حجة الإسلام مختار حسني وحجة الإسلام كشميري ممثل المرجع الشيعي الأعلى آية الله سيستاني في الإمارات، وأكد أن الإمارات تواصل الإجراءات لطردهما.
كما اتهم الموقع دولة الإمارات باستغلال الوضع في غزة؛ لتحريض مجلس الأمن على إصدار قرار لتشديد العقوبات على إيران، وتكرار المطالبة بالجزر، معتبرا أن الموقف الإماراتي يدخل في إطار "الحد من النفوذ الإيراني في المنطقة".
يذكر أن معركة إعلامية كانت قد اندلعت بين إيران والإمارات أواخر العام الماضي، عندما هدد مسؤول إماراتي باستغلال التضييق الذي تتعرض له الأقلية العربية في إيران، التي تبلغ عدة ملايين، لزرع خلايا نائمة في إطار مبدأ المعاملة بالمثل، بعد أن كشف دبلوماسي إيراني سابق عن وجود خلايا إيرانية نائمة بالإمارات.
وقال قائد شرطة دبي -في تصريحات للصحف في ذلك الوقت- إن "في إيران 15 مليونا من جذور عربية، وبمقدور دول الخليج تحريكهم، وإذا استطاعت فتح ثغرة فإننا نستطيع فتح ألف ثغرة، وهناك عربستان (تعني أرض العرب)، وتضم عربا من أصول عربية، وهم تحت وطأة من سوء المعاملة، ومحرومون من أشياء كثيرة".
وأكد قائد عام شرطة دبي أن من مصلحة إيران ألا تلعب هذه اللعبة، خصوصا أن دول الخليج تقدر جوارها. مضيفا أنه "قد يكون لإيران خلايا نائمة في الخليج، لكن على إيران أن تدرك أن دول الخليج قادرة على إيجاد خلايا مماثلة داخلها، بما لديها من إمكانيات".
ولا توجد إحصائية محددة بعدد الإيرانيين المقيمين في دول الخليج، لكن سفير إيران في أبو ظبي قدر -في وقت سابق- الجالية الإيرانية بالإمارات بنحو 500 ألف مقيم.
وكان الدبلوماسي المنشق والقنصل الإيراني السابق بدبي، عادل الأسدي، كشف -في وقت سابق، للعربية.نت- عن تفاصيل ما أسماه خطة تجنيد وتدريب مواطنين من دول خليجية في إيران، قائلا إن معظمهم من الشيعة ويشكلون خلايا نائمة في بلدانهم.
وفي وقت لاحق نفى وزير الدفاع الإيراني وجود هذه الخلايا، واعتبرها -في مؤتمر صحافي عقده بالدوحة- "أكاذيب وتصريحات مفتعلة من قبل وسائل الإعلام الغربية العدوة".
وغير بعيد عن احتدام التوتر السياسي بين البلدين، دعت جهات إيرانية إلى نقل المواجهات إلى الساحة الاقتصادية عبر مقاطعة شركة اتصالات الإماراتية، التي حصلت على رخصة للعمل في إيران، وذلك ردا على مطالبة الإمارات بالجزر.
وبينت نتائج استفتاء قام به موقع إيراني أن 44.44% من المشاركين صوتوا لصالح مقاطعة الشركة، فيما عارض ذلك 29.63% منهم، وأبدى بقية المستطلعين عدم اهتمامهم بالقضية.
وفي نفس السياق قال موقع تابناك إن منح الترخيص للشركة الإماراتية أثار احتجاجات واسعة، معتبرا أن هذه الخطوة تتضارب مع مصالح إيران القومية، باعتبار أن الإمارات وقعت عقدا للتعاون النووي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وتقوم بتشديد الرقابة على الحمولات المتجهة إلى إيران، وتمنع وصول بعض الأجهزة المتطورة إليها.
وكانت توقعات أشارت إلى أن عائدات شركة اتصالات الإماراتية من الصفقة قد تبلغ 5.9 مليارات درهم، أو ما يعادل 398 مليون دولار (الدولار يعادل 3.67 دراهم). ويتيح الترخيص للشركة الاستحواذ على 20-25% من سوق الاتصالات في إيران خلال 5 سنوات من بداية ال