الجامعة العربية خسرت ما تبقى لها من مصداقية في الشارع العربي، من خلال تعاملها الهابط والسيئ والمأساوي مع مذبحة غزة الحالية، التي يقوم بها العدو الصهيوني، ماتت الجامعة إكليلا يسمح لك اضافة هذه الكلمةيا، ويتبقى فقط الإعلان عن وفاتها وتشييعها إلى مثواها الأخير.
الخلافات بين أعضائها أصبحت عنوانها الأول والأوحد.. لم تعد هناك وحدة عربية في شيء حتى الرمز الذي كنا نتشدق به ليل نهار لم يعد له وجود.. لقد ضلت الجامعة الطريق منذ وفاة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، وأصبحت بلا مرشد أو قبطان لتتيه في خضم المشكلات والخلافات التي تحمل في ظاهرها النكهة العربية، وفي باطنها المصالح الأميركية والإسرائيلية التي نجحت وبامتياز في اختراق الصف العربي لتصيب الجامعة بالشلل، لأن الصوت الأميركي ـ الإسرائيلي أصبح الأعلى والأكثر قدرة على تحريك الجامعة من خلف الستار وبما يحقق استراتيجيتهم على حساب العرب.
قرار الجامعة العربية الأخير باللجوء إلى الأمم المتحدة لاستصدار قرار أممي بشأن وقف المذبحة الإسرائيلية في غزة بدلا من عقد قمة عربية طارئة كان هدفه الأول استهلاك الوقت ومنح إسرائيل الزمن المطلوب لإبادة غزة عن بكرة أبيها وعدم إحراج الزعماء العرب في قمتهم، التي لم يتفقوا عليها بعد رغم مرور 22 يوماً على ذبح غزة.
وهنا أوجه سؤالاً إلى وزراء الخارجية العرب والأمين العام عمرو موسى.. ألم تفقدوا الثقة بعد في منظمة الأمم المتحدة والفيتو الأميركي المتربص بكم وبمصالحكم ليل نهار، أتشكون في أن مفتاح الأمم المتحدة، وجامعتكم أيضا، بيد الإدارة الأميركية ـ الإسرائيلية المشتركة.
ألا تعلمون أن الفيتو الأميركي جاهز دائما لوقف أي قرار فيه شبهة أو رائحة إدانة لإسرائيل.
ألم تتعلموا الدرس منذ أيام، حين تراجعت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس عن وعدها لكم بالموافقة على القرار الذي سهرتم في إعداده على مدار أربعة أيام، ثم تراجعت عند التصويت وبصورة مزرية بعد تدخل رئيس وزراء إسرائيل أولمرت ليأمر الرئيس بوش بعدم التصويت بدلا من الموافقة، وليصبح القرار الأممي غير ملزم، ومجرد حبر على ورق.
ألا تعلمون بعد أن الكيان الصهيوني فوق الحساب وفوق القوانين الأممية وله الحق في فعل ما يشاء من ذبح وحرق العرب أينما كانوا، هل الدماء العربية لدى الرئيس الفنزويلي شافيز، العضو المراقب للجامعة منذ 2006 زائدة على الحد ليقرر قطع العلاقات مع العدو الصهيوني وطرد سفير اسرائيل من بلاده، في الوقت نفسه الذي ترفرف فيه الأعلام الإسرائيلية في أكثر من عاصمة عربية.
هل تعلمون لماذا قرر الرئيسان الفنزويلي والبوليفي قطع العلاقات مع العدو الصهيوني.. السبب بسيط جداً، لأنهما يعلمان جيداً أن الكيان الصهيوني يحتل الأرض العربية منذ عام 1948 ولا يحترم اي قيم أو مبادئ أو قوانين، وأن التعامل مع مثل هذا الكيان يستند إلى قوة القرار وامتلاك المقومات اللازمة لمواجهة الأطماع الاسرائيلية ـ الأميركية المشتركة.
ألا تعلمون، وزراء الخارجية العرب، أن قرار إعلان وفاة جامعة الدول العربية لايزال في أيديكم، وأنكم مازلتم قادرين على إعادة الروح إليها، لأن المعركة مع اسرائيل لم تنته بعد، لأن قطاع غزة لايزال صامدا أمام العدو.. لم يستسلم بعد، ينتظر أن تقوموا بواجبكم والبحث عن وسائل اخرى بعيدة عن الشجب والتنديد، واللجوء الى الأمم المتحدة لتضييع الوقت.. غزة تحترق.. تباد.. غزة تناديكم للوقوف ولو لمرة واحدة عند مستوى المسؤولية